قطاع الصيد البحري بين شعارات معرض أليوتيس وواقع التحديات الخطيرة

تمودة 24 : أنوار الشرادي.

في كل دورة من معرض “أليوتيس”، ترفع شعارات طموحة حول مستقبل الصيد البحري، مثل شعار الدورة السابعة (6-9 فبراير 2025) “البحث والابتكار من أجل صيد بحري مستدام”، لكن الواقع الذي يعيشه البحارة ومهنيو القطاع (العرائش نموذجا) يكشف تناقضا صارخا بين هذه الرؤية المعلنة والأزمات التي تهدد مستقبلهم والاقتصاد بمدينة العرائش والوطني ككل.

وبطبيعة الحال،يشهد القطاع استنزافا غير مسبوق بسبب التلوث البحري، والاكتظاظ الكبير لكثرة المراكب بالمصايد، واستمرار الصيد العشوائي والجائر، ورغم الحديث عن الراحة البيولوجية كإجراء ضروري للحفاظ على المخزون السمكي، فإن غياب تنظيم واضح لها يجعلها عبئا اجتماعيا بدل أن تكون آلية فعالة للاستدامة، خاصة في ظل غياب بدائل اقتصادية للبحارة خلال فترات التوقف.

إضافة إلى ذلك ، تهريب الأسماك هو تحدٍ آخر يعصف بالقطاع، إذ يحرم خزينة الدولة من مداخيل ضخمة، بينما يعيش البحارة في فقر مدقع، حيث لا يتعدى معاش عند التقاعد ألف درهم شهريا.

وهذه الظروف القاسية دفعت العديد من أبناء البحارة إلى الهجرة السرية،حيث يغامرالأطفال بعبور البحر نحو سبتة سباحة في مشاهد مأساوية تنتهي في كثير من الأحيان بغرقهم.

فماذا لا يتم تفعيل الحلول العملية لإنقاذ القطاع مثلا:

1.تفعيل نظام رقابي صارم لضبط عمليات الصيد والتسويق وعملية التفريغ والمناولة والشفافيةفي التنافس التجاري، وتنظيم الراحة البيولوجية بشكل يضمن استدامة الثروة السمكية ودخلا بديلا للبحارة خلال فترات التوقف.

2. محاربة تهريب الأسماك عبر تشديد العقوبات، وضمان بيع المحصول السمكي في الأسواق الرسمية لتعزيز المداخيل الضريبية وتحسين أوضاع البحارة وكذا الاستثمار في البنية التحتية للموانئ وتحديث سلاسل الإنتاج والتخزين، بما يضمن تسويق الأسماك بأسعار عادلة ومنصفة، وكذا توسيع فرص التصديرنحو الأسواق الوطنية والدولية ، مما يزيد من قيمة المحصول البحري.

3.إنشاء صندوق دعم اجتماعي يوفر تعويضات خلال فترات الراحة البيولوجية، وتوفير تغطية اجتماعية عادلة للبحارة ، مع إصلاح أنظمة التقاعد لضمان معاش كريم في حدود ألفين وخمسة مائة درهم شهريا مع تخفيظ سن التقاعد على الاقل 55 سنة .

4. الاستثمار في مشاريع بديلة تتيح فرص عمل جديدة لأبناء القطاع، وتحد من نزيف الهجرة السرية.

5. إشراك المهنيين في صنع القرار لضمان سياسات تتماشى مع الواقع الفعلي بدل الاكتفاء برفع الشعارات في المعارض الدولية.

6. فرض نظام رقابي على آليات الابتكاروالبحث العلمي في مجال الصيد البحري، عبراعتماد تقنيات حديثة تساعد على تتبع المصايد، وتحسين الإنتاجية،والحد من الصيد العشوائي، بما يضمن استدامة المخزون السمكي.

7. خلق بدائل اقتصادية وإطلاق مشاريع اقتصادية واجتماعية توفر فرص عمل جديدة في مجال الصيد البحري، خاصة في قطاعات التصنيع السمكي، السياحة البحرية، وتربية الأحياء المائية، مما يقلل من ظاهرة الهجرة السرية التي أصبحت تهدد أرواح العديد من الشباب العاطلين عن العمل.

هذه الإجراءات كفيلة بإنقاذ قطاع الصيد البحري من أزماته المتراكمة،وضمان مستقبل أكثر استقرارًا للبحارة وعائلاتهم، فهل تتحرك الجهات المسؤولة قبل فوات الأوان؟

وهنا يبقى السؤال العائق الذي يطرح نفسه بشدة على الجهات الوصية على القطاع ،هل ستكون الدورة السابعة لمعرض أليوتيس نقطة تحول نحو إصلاح حقيقي يضمن استدامة القطاع وتحسين أوضاع المهنيين، أم ستبقى مجرد منصة لرفع الشعارات دون أي تغيير ملموس؟

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.