مونديال 2030 بين الإنجاز والإنهاك.. هل ينجح المغرب في تحويل الحلم إلى نهضة أم إلى أزمة؟
حوار صحفي مع الدكتور محمد السوعلي حول مونديال 2030 ومستقبل التنمية بالمغرب
حاوره: رشيد بنعويش ، مدير جريدة “تمودة 24”
تمودة24 : دكتور محمد السوعلي، خلال مداخلتكم في الندوة التي نظمتها “جمعية المدينة” حول مساهمة الجامعة المغربية في مونديال 2030، شددتم على أن نجاح هذه التظاهرة الرياضية مرتبط بتحديات جوهرية. ما هي أبرز الإكراهات التي تواجه هذا الحدث؟.
د. السوعلي: نجاح كأس العالم 2030 لا يتوقف فقط على تشييد الملاعب وشق الطرق وبناء الفنادق، بل يمتد إلى كيفية توظيف الموارد البشرية والمؤسسات العلمية والاقتصادية، وإدماج الفاعلين السياسيين والاقتصاديين والثقافيين بشكل فعال في هذه الديناميكية. ما يقلقني هو غياب التواصل الواسع حول الخطوات التي تقوم بها اللجنة المكلفة أو وزارة التعليم والرياضة، بل حتى الحكومة ككل. التواصل الناجح ليس مجرد نشر أخبار عن المشاريع المنجزة، بل هو وسيلة لإعادة الثقة للمواطنين في العمل الحكومي، وهي ثقة مهزوزة حاليًا بحسب استطلاعات الرأي.
تمودة24 : هل تعتقد أن استمرار هذه الحكومة حتى موعد المونديال قد يكون عائقًا أمام نجاح هذا الحدث الكبير؟
د. السوعلي: لا يمكن الاستهانة بذكاء المغاربة، فهم قد يقعون في فخ سياسي مرة، لكن ليس مرتين! القوى التقدمية الاشتراكية عليها مسؤولية تقديم مرشحين أكفاء قادرين على الدفاع عن مصالح المواطنين بحملات انتخابية نظيفة. لا يمكن تجاهل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، وارتفاع الأسعار، والديون، وأزمات القطاعات الاجتماعية كالتعليم والصحة والتشغيل. صحيح أن المال السياسي لا يزال يؤثر في بعض الناخبين، لكن الوعي الجماعي في تصاعد، والمغاربة يدركون أن الحاجة إلى حكومة جديدة بتوجهات مغايرة بعد 2026 باتت ملحة.
تمودة24 : هناك من يرى أن غلاء المعيشة مرتبط باستثمارات المغرب في البنية التحتية لاستقبال مونديال 2030.
هل يمكن اعتبار ذلك سببًا رئيسيًا؟
د. السوعلي:اقتصاديًا، لا يمكن تبرير ارتفاع الأسعار فقط بالمشاريع الكبرى. صحيح أن الاستثمارات في البنية التحتية جزء من التنمية، لكن الغلاء يأتي أساسًا من خلل في توزيع الدخل، والنظام الضريبي، وسلم الأجور، وليس فقط نتيجة عوامل خارجية مثل أسعار البترول أو الحبوب. هناك سياسة ضريبية تهدف إلى جمع الأموال أكثر من تحسين أوضاع الفئات الهشة، مما يعمّق الفجوة الاجتماعية. المعضلة الكبرى هي غياب سياسة اجتماعية عادلة عبر الضرائب، ما يسمح لفئات معينة بجني أرباح ضخمة دون إعادة توزيع عادل للثروة.
تمودة24 : لكن ماذا عن تأثير ما أصبح يطلق عليهم “الفراقشية” في الاقتصاد المغربي؟
د. السوعلي: “الفراقشية” باتت تعبيرًا يحمل دلالات واسعة، ليس فقط في قطاع التعليم، بل في الضرائب، والصناعة، والسياحة. هذه الظاهرة تعكس وجود اختلالات تؤثر على العدالة الاقتصادية، حيث يتم استغلال بعض الفجوات القانونية أو البيروقراطية لتحقيق أرباح ضخمة على حساب المصلحة العامة.