الرماية بالنبال.. رياضة أولمبية تحت الحصار الإداري

تمودة24

 

 

في مشهد يعكس أزمة عميقة في تدبير الشأن الرياضي بالمغرب، تعيش الجامعة الملكية المغربية للرماية بالنبال للسنة الثانية على التوالي حالة من الشلل التنظيمي والتهميش المؤسساتي، وسط صمت مريب من وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، وتحديدًا مديرية الرياضة التي باتت عنوانًا للفوضى والتقصير في ملفات عديدة.


الرماية بالنبال، إحدى الرياضات الأولمبية التي رفعت راية المغرب عاليًا في المحافل الإفريقية والدولية، أصبحت اليوم رهينة بين الانتظار والممارسة، بعد أن توقفت أنشطة الجامعة الملكية دون أي تدخل رسمي يعيدها إلى سكتها الصحيحة. أكثر من 30 جمعية رياضية خرجت عن صمتها في ندوة صحفية بمدينة القنيطرة، منددة بما وصفته بـ”الاضطهاد الممنهج” و”الإقصاء المتعمد”، في ظل غياب أي مبادرة من مديرية الرياضة لحل الأزمة أو حتى فتح تحقيق نزيه في أسبابها.


بحسب تقارير إعلامية موثقة، فإن الجامعة تعاني من اختلالات بنيوية خطيرة، أبرزها انتخاب مكتب مديري بطريقة غير قانونية، وتهميش جمعيات نشيطة وذات تاريخ رياضي مشرف، مثل جمعيات مراكش التي تم إقصاؤها من المشاركة في البطولات والتكوينات دون مبرر قانوني. كما تم توقيف رماة دوليين دون سند قانوني، وتغيير مقر الجامعة بشكل غير مبرر، مما عرقل التواصل مع الجمعيات المعتمدة.

 

في ظل هذه الفوضى، تطرح تساؤلات جوهرية حول دور وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، التي يفترض أن تكون الحاضن الأول للرياضة الوطنية. مديرية الرياضة، التي يفترض أن تراقب وتواكب الجامعات الرياضية، تبدو غائبة تمامًا عن المشهد، ليس فقط في ملف الرماية بالنبال، بل في ملفات أخرى مشابهة تعاني من سوء التسيير، غياب الشفافية، وتضارب المصالح.

 

هذا الغياب لا يمكن تفسيره إلا بواحد من احتمالين: إما غياب الإرادة السياسية لإصلاح القطاع، أو تواطؤ غير معلن مع شبكات التسيير العشوائي التي حولت الرياضة المغربية إلى مجال مغلق يخضع لمنطق الولاءات لا للكفاءة.

 

إن استمرار هذا الوضع يهدد مستقبل رياضة الرماية بالنبال، ويحرم أجيالًا من الرياضيين من فرص التألق والتمثيل الوطني. كما أنه يضرب في العمق مصداقية المؤسسات الرياضية المغربية، ويضعف ثقة الجمعيات والرياضيين في الدولة.

 

المطلوب اليوم ليس فقط تدخلًا عاجلًا من الوزارة، بل مراجعة شاملة لمنظومة الرياضة المغربية، تبدأ من تفعيل آليات الرقابة والمحاسبة، وتنتهي بإعادة الاعتبار للرياضة كرافعة للتنمية، لا كغنيمة إدارية.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.